كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 7)

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)
* * *
كان صفح يوسف الجميل هو الخطوة الأولى لجمع الشمل، وما أشبه ذلك بصفح محمد - صلى الله عليه وسلم - عن قريش الذين أخرجوه، وقتلوا أحبته من المؤمنين، من وقت مبعثه إلى فتح مكة، فاستمر الأذى عشرين سنة أو تزيد، ومع ذلك ما إن بعثهم، حتى قال مقالة يوسف: (لا تَثْرِيب عَلَيْكُئم الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحمُ الرَّاحِمِينَ) (¬1) وموقف محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كان جليلا عظيما، يعاظم بعظم ما ارتكبوا في جنبه (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. . .).
صفح عنهم يوسف، والتفت إلى أبيه الشيخ الحزين الأسيف، وكان أن أرسل القميص، وعادت العير إلى البدو حاملة القميص، وقد كان معطرا بعطر
¬________
(¬1) انظر ما رواه البيئتي في ذلك (18647): ج 13/ 439. كما رواه النسائي في الكبرى (11193): ج 6/ 355.

الصفحة 3858