كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 7)

أنين لأحد من العباد، فاتجهوا إلى أبيهم يطلبون أن يستغفر لهم ربه
(يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) لقد أحسوا بعظم الذنب، وهو أول طريق التوبة وندموا على ما فعلوا، وطلبوا المغفرة، وبذلك توافرت عناصر التوبة طلبوا من بعد ذلك أن يطلب أبوهم المغفرة؛ لأنه مع الذنب العظيم هو المجني عليه، وهم يطلبون مرضاته، وفتح قلبه لهم وهو القريب إلى اللَّه، ولذا لجأوا إليه، وعبرواب (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) آثمين غير مدركين سوء المغبة.
فأجاب الأب الشفيق النبي الكريم:
(قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)
ما فارق يعقوب نبي اللَّه حنانه على أولاده جميعا، وإن كان يخص يوسف وأخاه بفضل من المحبة لصغرهما، وحاجتهما إلى العطف الأبوي ثم زادته غربة يوسف وجدا عليه ومحبة وشفقة، ولذا لم يلمهم، ولم يذكر ماضيهم معه، ومع أخيه، بل وعدهم وعدا مؤكدا بأنه سيستغفر لهم فـ (سوْفَ) لتأكيد الاستغفار المستمر في المستقبل (لَكُمْ)، واللام لام الاختصاص، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وأكد لهم الغفران بوصف اللَّه تعالى بأنه الغفور، أي الكثير المغفرة وصف للذات العلية، وأن ذلك الغفران من رحمته، والرحمة شأنه وصفته الدائمة.
كان يوسف عندما طلب أن يوضع القميص على وجه أبيه ليرتد بصيرا طلب أن يأتوهم بأهله أجمعين ليكونوا معه في عزة الحكم، وإن الكريم عندما يجتمع أهله بعزته ينال متعتين: أولاهما متعة العزة الحلال العادلة لنفسه، ومتعة مشاركة أهله له في العزة والسلطان؛ تلك هي الفطرة.
استجاب إخوته أو من جاءوا إليه منهم لرغبته، وأتوا بأهله، وفيهم الأبوان الكريمان،
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)
رحب بهم جميعا، وخص أبويه بفضل ترحيب، لما قاسا من الهول في

الصفحة 3860