كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 7)

(أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، إما أن تأتيهم نقمة تخصهم لكفرهم وغيهم وفسادهم في الأرض، وإما أن تأتيهم القاضية، وهي ساعة القيامة، وسمي يوم القيامة ساعة، لأنه يتم بين غمضة عين وانتباهتها، وفي هذا إشارة إلى أن أعمال الكافرين أعمال من يظن الحياة الدنيا دائمة، ولا يترقب يوم القيامة وما وراءه، وقوله تعالى: (وَهُمْ لَا يشْعُرُونَ) بإقبالها، وقوله: (بَغْتَةً) إشارة إلى أنها تفجؤهم من حيث لَا يحتسبون ولا يتوقعون، بل هم في غيهم مستمرون.
وإن اللَّه تعالى أمر نبيه بأن يدعوهم إلى الحق غير مبال بإنكارهم وعنادهم، وإنه مستمر في دعوته لَا ينى عنها أبدا.
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
أمر اللَّه تعالى نبيه بأن يبلغهم أمره فقال: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي) الإشارة هنا إلى ما يدعوهم إليه من التوحيد في العبادة، وألا يشركوا باللَّه شيئا، وأن يؤمنوا بالبعث والنشور، وأنهم يموتون كما ينامون، ويحيون كما يصحون، ومن ذلك تكون الجنة أبدا أو النار أبدا، فهذه الدعوة " هى سبيلي " التي أسلكها، لَا أحيد، وماضٍ فيها، وأدعو إليها، أنا مستمر في الدعوة إلى أن يقبضنى الله تعالى (وَمَنِ اتًبَعَنِي) يحملون عبء التكليف بهذه الدعوة والسير في سبيلها غير وانين ولا مقصرين.
وهذا يدل على أن الدعوة إلى اللَّه فرض على المؤمنين كل يقوم بواجبه فيها، الدولة الإسلامية تهيئ دعاة إلى الحق، ويختلف الوجوب علوا ودرجات باختلاف الجماعات والآحاد من حيث العلم والثقافة والقدرة على القيام بحق الدعوة، وقوله تعالى: (عَلَى بَصِيرَةٍ)، أي على علم بالحق وحجته ودليله، وهذا يدل على وجوب علم الداعي، وأن يكون له بصيرة نافذة يدرك الحق ويعلم نفوس الناس، وما يجب اتباعه لدعوتها.

الصفحة 3873