كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 7)

ويقول: (وَسُبْحَانَ اللَّهِ) أنزهه عن الشريك، وأسبِّح له خاضعا خاشعا، أرجو رحمته وأخاف عذابه، وكل من في الوجود يسبح له: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ. . .)، وقوله تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ) تنزيه مطلق، وخضوع للَّه تعالى من الرسول، ومن الوجود كله، ثم أيأسهم من أن يكون مثلهم فأمره بأن يقول:
(وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) إن استمررتم على شرككم فأنا بريء منكم، وإن هذه السبيل هي سبيل النبيين أجمعين بعثوا بها في أقوامهم، ودعوهم إليها، وإن النصر من اللَّه لهم: لأنهم أصحاب دعوة الحق، ولذا قال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)
هذه الآية بعد قوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي) تدل على أن التوحيد، وتنزيه اللَّه تعالى رسالة النبيين أجمعين، فهي تدل على ذلك، وتدل ثانيا، على أن النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم لم يكن بدعا من الرسل، بل سبقه بهذه الدعوة أنبياء سابقون. وتدل ثالثا على أن رسالة اللَّه إلى خلقه تكون برجال يدعون بها، لا بملائكة، وذلك رد على قولهم: (. . . مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُل الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ. . .)، وعلى طلبهم أن ينزل عليهم ملك يخاطب برسالة اللَّه، وقد قال تعالى في الرد عليهم (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ).
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ. . .)، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكلُونَ الطَّعَامَ
وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ).

الصفحة 3874