كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 8)

هذا ميثاق النبيين، وهو يقوم على القيام بحق اللَّه تعالى، والقيام بحقوق العباد التي أكدها اللَّه سبحانه وتعالى بأمره، وهذا المثياق هو ميثاق الجماعة، وميثاق العدل الاجتماعي الكامل.
الوصف الثاني والثالث والرابع من أوصاف الإيمان:
قال تعالى فيه:
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)
وذكر اللَّه تعالى لهم ثلاثة أوصاف: وصف يتعلق بالصلات الاجتماعية التي بها يقوم بناء اجتماعي سليم يبتدئ من الأسرة بمعناها الممتد الذي يشمل القرابة جميعها قريبة كانت أم بعيدة، ويشمل المجتمع الصغير، ومجتمع المدينة، ثم الدولة، ثم المجتمع الإنساني، وهذا هو الوصف الأول (الَّذِينَ يَصِلُون مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يوصَلَ)، والوصف الثاني نفسي، وهو أساس البناء الاجتماعي الفاضل، ورمز اللَّه تعالى إليه بقوله تعالت كلماته: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)، أي يخافون اللَّه تعالى في كل عمل يعملونه، فلا يطغون، ولا يظلمون، ولا ينقصون الناس حقوقهم، فمن خشي اللَّه تعالى يتذكره في كل عمل يعمله في ذات نفسه، وفي أهله وبينه وبين الناس.
والوصف الثالث: الإيمان بأنه يحاسب عليه، وقد ذكره سبحانه بقوله تعالى: (وَيَخَافُونَ سوءَ الْحِسَابِ)، وخوف الحساب يتضمن الإيمان بالبعث والنشور، ولقاء اللَّه تعالى يوم القيامة أولا، وأنه سيحاسب على ما كان في الدنيا ثانيا. ويتضمن ترجيح الخوف على الرجاء، وأنه يخشى السوء قبل أن يرجو الثواب. ثالثا: فهو يستقل ما قدمه من خير، ويستكثر دائما ما وقع فيه من هفوات، وهذا شأن الأبرار، يستقلون ما يفعلون من خير، ويستكثرون ما يقع منهم من هفوات.

الصفحة 3931