كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 8)

بي شيئا، وتسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع قضاءها " (¬1).
هذه صلة من أمر اللَّه به.
وأما خشية اللَّه تعالى فهي امتلاء القلب باللَّه، وخشية عقابه، ورجاء ثوابه، وأن يكون ذاكرا للَّه، شكورا لنعمه، راجيا قبول طاعته (. . . إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ. . .)، فهم أعم الناس به ذاتا، وصفاتٍ، وقدرا، وإكبارا.
ومنها خوف سوء الحساب، فهو خوف نتائج السر الذي كان في الدنيا، واللَّه عْفور رحيم.
الوصف الخامس والسادس والسابع والثامن من صفات المؤمنين، وهو من مقتضيات الإيمان: الصبر، وما بعده، قال تعالى:
¬________
(¬1) رواه أحمد: مسند الكثرين من الصحابة - مسند عبد الله بن عباس (6282).
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)
ذكرت هذه الآية أربع خصال للمؤمنين، أولها: الصبر ابتغاء وجه اللَّه تعالى، وإقامة الصلاة والإنفاق من رزق اللَّه تعالى، ودرء السيئة بالحسنة.
أما الصفة أو الخصلة الأولى: وهي الصبر ابتغاء وجه اللَّه، فإن معناها ضبط النفس عن الشهوات، وتسيطر على منازع النفس فتقوى الإرادة، وتكون الأهواء أمةً لها، ولا تكون سيدا عليه، وإن الصبر في المصائب التي تنزل، والإصرار على الوقوف عند أمر اللَّه تعالى ونهيه، ولقد فسر ابن كثير الصبر ابتغاء وجه ربهم بقوله: " الصبر عن المحارم والمآثم، فقطعوا أنفسهم عنها للَّه عز وجل ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه " وفسره الزمخشري بقوله: " (صَبَروا) مطلق فيما يصبر عليه من

الصفحة 3933