كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 8)

قال تعالى: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا) وفي هذا قرينة على أن الدعاء المذكور في النص ليس هو مجرد نداء أو دعاء إنما هو عبادة، وقالوا في سبب نزول هذه الآية، أو هذا النص، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ القرآن فيسب المشركون كلام اللَّه تعالى فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بألا يجهر، ولا يخافت، وروي أن أبا بكر كان يخافت ويقول إنما أناجي ربي، وهو يعلم حاجتي، وكان عمر يجهر ويقول: أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر ارفع قليلًا، ولعمر اخفض قليلا (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا)، أي اطلب طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة، وفي الكلام مجاز، في إطلاق وسط القراءة التي بين الجهر والخفت على الطريق الوسط.
وقيل تفسير الجهر والخفت بألا يجهر المصلي في كل صلاته، ولا يخافت في كلها، بل يجهر في صلاة الليل، ويخافت في صلاة النهار وذلك هو الوسط بين السبيل البين بعد ذلك.
وقد أنهى سبحانه وتعالى سورة الإسراء بتكبير اللَّه تعالى كما ابتدأت بالإسراء، فقال تعالى:
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)
أمر اللَّه تعالى نبيه أن يحمده ويكبره، فإنه لَا يوجد من يستحق الحمد والتكبير غيره. قل يا رسول اللَّه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ)، أي الحمد كله للَّه سبحانه وتعالى، فلا يستحق، ولا يختص بالحمد سواه على ما خلق وأنشأ وكون، (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا)، وهذا يشير إلى أنه ليس مماثلا للحوادث في أي حال من أحوالهم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وقد قال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَوَات وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ. . .)، وقوله تعالى: (لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) يشير إلى أن جميع خلقه على سواء، (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)

الصفحة 4479