كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 9)

معاني السورة الكريمة
قال اللَّه تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)
* * *
ابتدأت السورة الكريمة بالتحميد بعد أن ختمت السورة السابقة بالأمر بالتكبير، فهو المحمود الكبير الذي ليس فوقه أحد سبحانه وتعالى و " ال " في (الْحَمْدُ) للاستغراق، أي استغراق كل الحمد وأعلاه، فهو المحمود ولا محمود بحق سواه وكل آحاد الحمد تعود إليه بإطلاق، وليس لغيره حمد إلا نسبي، وفي دائرة محدودة، هي دائرة المخلوق الذي لَا يملك شيئا إلا من اللَّه تعالى، (الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) هذه جملة تشير إلى سبب الحمد أو بعض أسبابه، فإن الحمد لَا يكون إلا بنعمة، وهذه النعمة أجَّل النعم، وأعظمها؛ لأنها نعمة إنزال الكتاب على عبده، وتقديم الجار والمجرور (عَلَى عَبْدِهِ) على الكتاب لمزيد الاهتمام بكونه عبده. فإنه عبد اللَّه ومبلغ رسالته ومن اختصه لنبوته وهو أعلم

الصفحة 4484