كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 9)

الفرق بينهما تسع سنين على أساس أن كل ثلاث وثلاثين سنة وثلث يزاد سنة واحدة، وبهذا يكون العدد ما ذكره القرآن الكريم بعبارته وإشارته.
متى ابتدأت هذه المدة؟ المتفق عليه أنها ابتدأت بعد المسيح - عليه السلام -، وإنها ابتدأت عندما أخذ الوثنيون يضطهدون أتباع المسيح - عليه السلام -، وأن اللَّه تعالى كشف الغمة التي كان ضربها على آذانهم في عصر زال فيه الاضطهاد، أو كان الحاكم أو الجمع الذي حضر يقظتهم من رقودهم كان الاضطهاد لم يكن فيه قائما بدليل العمل على تكريمهم وبناء مسجد على مدافنهم، مع التأكد من المدة تسع وثلاثمائة، أو ثلاثمائة فقط إذا كانت شمسية، وإنه لهذا يجب أن تمضي هذه المدة بين عصر الاضطهاد، وعصر الأمان مع بقاء المسيحية على ما كانت عليه.
ولقد يقول بعض المفسرين إن اختفاءهم كان في عهد دقلديانوس، وقالت كتابات النصارى في أخبار شهداء النصرانية وفي كتاب الكنز الثمين: إن اختفاءهم في الكهف كان سنة 252 ميلادية، وظهورهم كان سنة 447، ولا شك أن القرآن يكذِّب هذا، وهو أصدق قيلا؛ لأنه في سنة 447 كانت النصرانية قد سادها التثليث، وإن لم يكن استغرق كل أهلها، بل لَا تزال منهم أمة كمقتصدة.
وقول المفسرين إن التزامهم الكهف كان في عهد دقلديانوس فيه كلام؛ لأن دقلديانوس كان في القرن الثالث في آخره، والواقعة التي أنزلها بنصارى مصر كانت سنة 284، فإذا كان الاختفاء في آخر القرن الثالث فيجب أن يكون الظهور في آخر القرن السادس وكانت قد عمت ديانة التثليث، اللهم إلا أن يكون صادف ظهورهم ملك لَا يزال على دين المسيح، ولا يؤمن إلا بأنه عبد اللَّه ورسوله، ولهذا نحن نميل إلى أن أهل الكهف كانوا على مقربة من عصر المسيح، وأنهم ظهروا قبل أن يسود النصرانية التثليث، ومهما يكن الأمر فإننا لَا نؤمن في أخبارهم إلا بالقرآن وحده؛ ولذلك لَا نتلو إلا القرآن، كما قال تعالى:
(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)
قال بعض المفسرين إن هذه الآية آخر ما يتعلق بقصة أهل الكهف، وإنا وإن كنا لَا نقول إنها جزء منها، وليست متممة لها، ولكن لها صلة بها من حيث إن

الصفحة 4520