كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)

الفاتحة أو فاتحة الكتاب
قال جار الله الزمخشري في كتابه الكشاف: إنها مكية؛ لأنها أنزلت بمكة، وذلك هو المشهور، وقيل إنها أنزلت بمكة مرة، والمدينة مرة أخرى عند تحويل القبلة إلى الكعبة، والظاهر أنها مكية، نزلت عند فرض الصلاة بمكة، وكونها نزلت بعد ذلك بالمدينة تكرار للنزول، ولا نحسب ثمة حاجة للتكرار فإنها متى نزلت كانت واجبة التلاوة على أنها جزء من القرآن ولاحاجة إلى تكرار نزولها.
وتسمى أم القرآن، لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى، بما هو أهله، ومن التعبد بالأمر والنهي، ومن الوعد والوعيد، وتسمى أيضا سورة الكنز، وسورة الوافية لذلك الشمول الإجمالي الذي اشتملت عليه فيما ذكرنا، وتسمى المثاني لأنها تثنى في كل ركعة ولأنها السبع المثاني. وتسمى سورة الصلاة، لأنها مأمور بقراءتها فيها، وتسمى الشفاء والشافية وهي سبع آيات بالاتفاق (¬1).
وكلها أسماء سميت بها لمعان فيها، ولاحظَها من جوانبها من سماها، فكل اسم يمثل جانبا من جوانبها.
ابتدئت الفاتحة كما ابتدئت كل سورة ما عدا براءة بـ " بسم الله الرحمن الرحيم "، وعدها الشافعي وفقهاء مكة جزءا من الفاتحة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدَّ الفاتحة سبع آيات، ولا تكون سبع آيات إلا إذا عدت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ جزءا منها، وعند أهل المدينة ومالك ليست جزءا من الفاتحة، وقد علمت القول المختلف في ذلك، وقد قررنا أنها جزء من القرآن وابتداء لكل سورة، وقال الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة: " ما بين دفتي المصحف قرآن "، وقد كانت
¬________
(¬1) الكشاف للزمخشري: جزء 1 ص 4.

الصفحة 48