كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)

مكتوبة في مصحف عثمان رضي الله عنه والمصحفين من قبله، وتواتر المصحف بتواتر القرآن، والإجماع انعقد على ذلك، ولم تنقل بخبر آحاد كما ادعى بعض المالكية.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
(بِسْمِ) الباء هنا هي حرف جر يدل على السببية، وهي مبنية على الكسر كـ " لام " الأمر، والمعنى: بسبب اسم الله الذي لَا. يعبد سواه وأنه الرحمن الرحيم أبتدئ، فهي متعلقة بمحذوف يُذكر بعدها، لبيان اختصاص الابتداء أو التبرك باسم الله تعالى، فالتأخير يفيد الاهتمام بمتعلّق الباء ومزيد الاختصاص بالاستعانة والتيمن والتبرك به.
والبسملة يبدأ بها في كل أمر ذي بال، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِبِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم فَهُو أَبْتَر " والفعل الذي تعلقت به الباء محذوف، وكما ذكرنا يقدر مؤخرا، لأن المقدم يكون محل التخصيص.
ولأن البسملة يبدأ بها كل أمر ذي بال، فإنه يقدر الفعل على حسب ما نبتدئ البسملة، ويرى بعض المفسرين أن يقدر الفعل المحذوف " أبتدئ "، لأنه يكون صالحا، لكل أمر ذي بال وشأن، والآخرون قالوا: إنه يقدر في القرآن أتلو أو أقرأ أو أرتل أو نحو ذلك، وبعض العلماء قال: إنها في القرآن الكريم في معنى القسم بأن القرآن حق لَا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتكون على هذا للقسم، ويقدر الفعل بـ " أُقسم ". والمعنى على ذلك في أول كل سورة اجعل قسمك بالله الرحمن الرحيم أن ما تتلو هو الحق الذي لاريب فيه، فهو الكتاب لَا ريب فيه هدى للمتقين.

الصفحة 49