كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 9)

أول هذه الأعمال: إقامة الصلاة التي تقوم بها تلك الجماعة الكريمة تطهير نفوس آحادها، وملؤها بطاعة اللَّه وخشيته، وذلك بإقامة الصلاة فقال: (أَقَامُوا الصَّلاةَ)، أي أتوا بها مقومة تمتلئ فيها القلوب بذكره سبحانه، وتستشعر خشيته وهيبته ومحبته وجلاله، وبذلك تتطهر القلوب، وتعمرها خشية اللَّه تعالى ومحبته، فتحب عباده، وتحب كل شيء له، ويتحقق فيهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب الشيء لَا يحبه إلا لله " (¬1).
ثاني هذه الأعمال: إيتاء الزكاة، (وَآتَوُا الزَّكَاةَ)، وهي حق السائل والمحروم، وهي رمز للتعاون الاجتماعي بين القادر والعاجز والغني والفقير، ومن ابتلاه اللَّه تعالى بالمال، ومن ابتلاه اللَّه تعالى بالحرمان.
وثالث هذه الأعمال: التعاون على الخير، ودفع الآثام، وذلك يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكوين رأي عام فاضل يحث على الفضيلة، ويمنع الرذيلة، وهو قوله تعالى: (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ) وبها يتكون رأي عام فاضل يشجع الفضلاء، ويقمع الأرذلين.
وقال تعالى في ختام الآية الكريمة: (وَلِلَّهِ عَاقِبَة الأُمُورِ)، وهو يشير إلى أنهم يؤمنون بلقاء اللَّه تعالى وأنهم لم يخلقوا سدى، فيكون الخير لأهله يوم القيامة جنات النعيم، ولأهل الشر عذاب الحميم.
* * *
تكذيب الرسل قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -
قال اللَّه تعالى:
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)
¬________
(¬1) ورد بلفظ: أن يحب المرء لَا يحبه إلا لله، وهو جزء من حديث صحيح. وقد سبق تخريجه.

الصفحة 4995