كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 9)

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)
* * *
هذه الآيات الكريمة موضحة لما تضمنته الآيات السابقة، وهي شواهد حسية، لما أخبر به العليم الحكيم:
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46).
و" الفاء " في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وهي تنبههم إلى السير، وهي مؤخرة عن تقديم لأن الاستفهام له الصدارة، وتقدير الكلام: فألم يسيروا في الأرض. . .، وهذا حث لهم على السير للاعتبار بمن سبقوا والاتعاظ بما نزل، (فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا)، " الفاء " عاطفة ما بعدها على ما قبلها، والاستفهام حث على السير في الأرض للاتعاظ والاعتبار بمن مضوا، وهذا حث لهم على التعقل، والتدبر، فيترتب على السير أن يتدبروا بعقولهم، ويعملوها للوصول إلى الحق وألا يشركوا به شيئا، ويروا رسوم الديار التي عَفَت وأهلكها اللَّه بظلم أهلها، (أَوْ آذَانٌ يَسْمَعونَ بِهَا)، وهذا حث لهم على تعرف أخبار الديار ومن كانوا فيها، وما جرى منهم من ظلم، وما جرى عليهم من هلاك، وخراب أرضهم وديارهم.

الصفحة 4999