كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

مظهر الخشوع في الصلاة ألا يلتفت المصلي يمينا أو شمالا بأن يكون كل اتجاهه إلى اللَّه تعالى قلبا ونفسا وإحساسا، وجوارح، والخشوع في ذاته محله القلب، والجوارح مظهره، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: " لو خشع قلب هذا الرجل لخشعت جوارحه " (¬1). وإن الخشوع يتضمن أن يكون المصلي قد عمر قلبه بذكر اللَّه تعالى، وإذا عمر قلبه استحضر اللَّه في كل أركان الصلاة وأحس بأنه في حضرة اللَّه تعالى، فلا يحس بسواه.
وابتدأ بهذا الوصف، لأنه الطهارة النفسية والقلبية التي هي الأصل في تربية المؤمن.
والصفة الثانية: الإعراض عن اللغو، وقال تعالى:
¬________
(¬1) رواه الحكيم عن أبي هريرة رضي الله عنه. الفتح الكبير (10030): ج 3/ 45.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)
هو جاء في مفردات القرآن للراغب الأصفهاني " اللغو من الكلام، ما لا يعتد به وهو الذي يورد لَا عن روية وفكر، فيجرى مجرى اللغا، وهو صوت العصافير، ونحوها من الطيور. . قال تعالى: (لا يسْمعونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا).
وإن سماع اللغو من القول يهون في النفس الأمور الخطيرة، ويجعلها في حال عبث ولهو، ومع الإكثار من سماع اللغو تنماع النفس انمياعا، ولا تقوى على تحمل مشاق التكليفات الشرعية، وما تقتضيه من صبر، وضبط نفس، ولا يكون رجلا نافعا أبدا، وتقديم (عن اللغو) يفيد أهمية الإعراض عن اللغو، وأنه لَا يعرض إلا عن اللغو، لتكون كل نفسه للجد من الأمور والمشاركة في الأعمال النافعة، والإعراض يفيد البعد عن اللاغين، وعن مجالسهم. . . ألا فليعتبر الذين يجعلون حياتهم لهوا ولعبا وعبثا.
وِالصفة الثالثة إيتاء الزكاة، ولقد ذكر سبحانه هذه الصفة بقوله تعالى:
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
المعروف في تعبير القرآن الكريم أنه يعبر عن الزكاة بقوله عز من قائل: (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)، وهو مناسب لمعناها، لأن الزكاة عطاء، وفضلها في إيتائها، ولكن

الصفحة 5045