كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

هنا عبر عنها بـ (فاعلون). قال الزمخشري في هذا لِمَنْ يُعطى، ومعنى من المعاني ينسب للمعطي على أنه فعلها، فهو قد فعل الأمر المعنوي، وهو أنه أخرج الزكاة راضيا بالعطاء، ونقول إنه يرشح لهذا المعنى أن الآيات كلها تتجه إلى النواحي المعنوية، لَا إلى مجرد الأعمال الحسية، والزكاة لها ناحيتها المعنوية، وهو أن يدفعها طيبة نفسه، راضية يحسبها مغنما، ولا يعدها مغرمًا، وهذا هو الخير فيها، فإن الأمة تكون بخير ما عدت الزكاة مغنما ولم تعدها مغرما، وأن المعطِي لها يغنم من العطاء أكثر مما يعطيه المعطَى له من مال.
وإن ذلك يكون أعلى درجات الإحساس بالتعاون الإنساني والاجتماعي والإسلامي.
الوصف الرابع العفة: والمحافظة على النسل، وهذا ما عبر اللَّه تعالى عنه بقوله:
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
الفروج جمع فرج، وهو عضو التناسل عند الرجل وعند المرأة، واللام لتقوية التعدية بسبب تقدم الفروج على اسم الفاعل (حافظ)، وحفظ الفروج يتضمن ثلاثة معان:
أولها - معنى الصيانة، فهو يصونها عن رجس الحرام، ورجس الحرام معنوي ومادي. أما المعنوي فهو ما في الحرام من خبث يطهر نفسه منه، وأما المادي فهو يكون في الزنى من تعرض لأمراض خبيثة، هي التي جاءت من الأوربيين، والتي يسمى بعضها المرض الإفرنجي، ولا مانع من أن نشير إليها عند تفسير الآية، وإن لم تكن معروفة، ولكنها عرفت. فمنزل القرآن هو علام الغيوب.
ثانيها - الاستمساك والتحفظ بالعفة، وألا يرمي ماءه في غير محله، وليحفظ له نسبه.

الصفحة 5046