كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)
* * *
(ثُمَّ) للترتيب والتراخي، وقد ذكرت هنا للإشارة إلى أنها مهما تتطاول الأزمنة، فإنها متعاقبة، لَا يخلو جيل من رسول، وقد توالت النذر، و (أَنْشَأْنَا) معناها أوجدنا بعد عدم (الفاسقين) الظالمين قبلهم (قُرُونًا)، أي أجيالا آخرين، يجيئون جيلا بعد جيل، يخلف كل جيل ما قبله، والقادر الحكيم العليم هو المنشئ لها جميعا.
وإن كل جيل أمة واحدة تجيء في ميقاتها تعقب من سبقها، ويسبق من بعدها، والدنيا لَا تقف حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وحتى يبعث اللَّه مَن في القبور.
(مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)
الأجل الوقت المعلوم المحدود لها، فلا توجد أمة قبل ميقاتها تجيء في وقت، (وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ)، أي ما يطلبون تأخير وقتها فتزيد في عمرها، بل إن ما حدَّه اللَّه تعالى، هو الواقع في حده، وعاد الضمير إلى الأمة بضمير الجمع العاقل للإشارة إلى أن الأمة مجموعة العقلاء المدركين المكلفين، المخاطبين من الرسل، وإن حد زمن كل أمة محدود برسولها الذي بُعث بخطاب اللَّه تعالى لها، ولذا قال تعالى ذاكرا رسلهم المرسلين إليهم فقال:

الصفحة 5076