كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فإنه يترتب على ما ذكر من خلق الإنسان والكون كله أن يكون في علو لَا يتسامى إليه أحد في الوجود، وقد وصفه سبحانه بصفات خمس هي لَا تكون إلا له سبحانه؛ إذ هو كامل الوجود، وتلك صفات كامل الوجود، وليست إلا له:
الأولى - أنه سبحانه له وحده الملك والسلطان، ولا سلطان فوق رب العالمين.
والصفة الثانية - أنه الحق الثابت الدائم، الذي لَا ثبات لغيره، وملكه قائم على الحق والعدل؛ لأنه قام على كونه خالق الوجود كله، وهو ربه، فهو الملك وهو الحق، وهو قائم على دعائم الحق، ويحكمه سبحانه وتعالى بالعدل.
والصفة الثالثة - أنه هو اللَّه وحده فلا إله غيره؛ سبحانه وتعالى؛ لأنه إذا كان الخالق وحده، وله الملك وحده، فهو الإله وحده، وقد أشرنا من قبل إلى أن العرب كانوا يعترفون بأن اللَّه وحده خالق كل شيء، وأنه واحد في ذاته وصفاته، ولكن عند العبادة يعبدون الأوثان، فاللَّه سبحانه يبين أن الخلق ووحدة الذات توجبان وحدة الألوهية.
الصفة الرابعة - أنه رب العرش، أي صاحب السلطان وحده في الدنيا والآخرة فلا سلطان لشخص أو حجر، إنما السلطان له وحده في الدنيا والآخرة.
الصفة الخامسة - أنه الكريم الذي فاض بنعمه الظاهرة والباطنة على الوجود كله، ويغفر ويرحم، والذي يقبل التوبة عن عباده، كما قال عز من قائل: (اِنِّي لَغَفَّارٌ لمِن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالحَا ثُمَّ اهْتَدَى).
وإن المشركين لَا برهان عندهم على أن ما يعبدونه استحق العبادة؛ ولذا قال تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)

الصفحة 5128