كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

طلب إنزال لعنة الله به إن كان كاذبا، وهذه الجملة أهي طلبية بمعنى أنه يطلب من الله أن ينزل اللعنة به؛ الظاهر ذلك، ولكن تحتمل أن تكون خبرية، بمعنى أنه يحلف أنه يستحق لعنة الله تعالى إن كان من الكاذبين، وذلك ظاهر من التعليق، وإلى هذا نميل، هذه أيمان الرجل، انتهت بالحلف على استحقاقه اللعنة إن كان كاذبا، أما المرأة فإنها تكون عرضة للعذاب، وهو عقاب الزنى، فإذا كان الرجل صادقا وأقرت بالزِنى، فالعقوبة هي العقوبة المقررة في آيات الزني، ولكنها لم تقر، فقال تعالى:
(وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)
ويدرأ معناها يميل عنها، أو يدفع وتبرأ ساحتها، أن تحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين، وقد تأكد إثباتها لكذبه بما تأكد به إثباته لصدقه، بأن واللام، ودخوله في صفوف الكاذبين، والخامسة حلفها باستحقاقها للعذاب بأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وكونها طلبية أو خبرية، وميلنا إلى أنها خبرية شرطية هو ما قلناه في شهادته الإيجابية المثبتة فيقال هنا في النفي ما قيل في الإثبات.
ولابد هنا من الكلام في أمور:
الأمر الأول: أن نفي نسب الولد يعد من الرمي بشرط ألا يكون منه إقرار بالنسب ولو ضمنا، فلو نفي بسبب الولادة إذا لم يوجد منه ما يدل على رضاه به ونسبته إليه، ولو كان وهو جنين في بطن أمه، فإن النسب ينتفي، ويجب اللعان، وإلا حُدَّ حد القذف، وإذا امتنعت هي عن اللعان سترة بالنفي حُدَّت حد الزنى المقرر في القرآن.
والأمر الثاني: أنه في الآية اشترط رؤية الرجل للزنى، وإن اشتراطه قول من لا دليل عنده في هذا، بل الدليل قائم على نفي هذا الشرط، بدليل اللعان عند نفي نسب الولد، وبالدليل جواز اللعان من الأعمى، واشتراط علمه بالجس باليد، كلام غير جدير بالالتفات.

الصفحة 5150