كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

اطمأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أنها فرية مفتراة، وهم بأن يعيدها إلى بيته الكريم، ولكنها أبت أن تعود إلا إذا برأها الله، وما كانت تطمع في أن ينزل قرآن يتلى ببراءتها، ولكن الله تعالى أكرم نبيه بقرآن يتلى ببراءتها، والقرآن الذي نزل ببراءتها قوله تعالى: (الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ. . .)، الآيات (¬1).
ولقد بين الله تعالى ما يجب على أهل الإيمان عند شيوع قالة السوء، فقال عز من قائل:
¬________
(¬1) المرجع السابق.
(لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)
(لَوْلَا) للتحضيض على ظن الخير من المؤمنين والمؤمنات بأنفسهم خيرا، فإذا تلقى المؤمن والمؤمنة خبرا احتمل الصدق والكذب، وفيه شر يسارع إلى رده، ويقول: هذا إفك مبين. أي بين واضح، وخصوصا إذا كان ذلك الخبر، يمس من عرف بالطهر والعفاف، ومن يكون من شأنهم الطهر والعفاف والأمانة والإخلاص؛ وذلك أن الناس في تلقي أخبار السوء قسمان:
أحدهما: يظن في المؤمن الخير، ويحمل كل أحواله على الصلاح، فلا يقبل الإفك عليه، ويكذبه، ويقول: هذا إفك مبين بين واضح، ويرى من الصلاح في حال المؤمنين دليلا على الكذب، ودافعا إلى التكذيب.
والقسم الثاني: وهو الخاضع للشيطان يحسبه نهزة فينتهزها لإشاعة السوء، والسمر به في المجالس، ويجعله ملهاته ويغتاب أخاه المؤمن، ويأكل لحمه، ويعبث بكرامته مستهينا متندرا عابثا، وهذا يكبر أخبار السوء فيشيعها وقد نماها الخيال الفاسد، والعبث العابث.
وفى الآية الكريمة إشارتان بيانيتان.

الصفحة 5157