كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)
* * *
الوعظ زجر مقترن بتخويف من العذاب أو سوء العقاب والمآل في الجماعة الإسلامية - وقال الخليل بن أحمد: هو التذكير بالخير فيميل له القلب، والتعبير بالمضارع لبيان أن ما مضى من قول فيه عظة، والله سبحانه وتعالى مستمر ومجدد لهم العظة آنًا بعد آنٍ، فهو سبحانه وتعالى مديم تجديد الإرشاد والتنبيه إلى ما فيه طهارة جماعتكم، والبعد عن ذمها، (أَن تَعُودوا) المصدر المنسبك من " أن " وما بعده، متعلق بمقدر محذوف مناسب، وهو كراهة أن تعودوا، أي كراهة عودتكم لمثلها أبدا، والضمير يعود إلى الشأن وهو الحال التي كانوا عليها، ووقعوا فيها، والتعبير عنها ب) (لِمِثْلِهِ)، مبالغة لأن لَا يقعوا فيها، كما تقول لكريم: مثلك لا يبخل: أي أنت لَا تبخل؛ لأن فيه سجايا لَا تسمح له أن يبخل كما لَا تسمح لمثله، فمعنى لا (تَعُودُوا لِمِثْلِهِ) لمثلها، أي لَا تعودوا إليها. وأشباهها، ثم علق القول على الإيمان فقال: (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) وهذا تنبيه إلى أمرين أولهما: إثبات أن الإيمان يتجافى عن رمي المحصنات المؤمنات، وتلقيه وترديده من غير علم ولا تثبت، ويقين، فإن ذلك من أشد أنواع الغيبة وأفحشها، ويؤدي إلى فساد الجماعة بشيوع الترامي بالزنى فيه. والأمر الثاني: هو الحض على الإيمان والتمسك به، وبأخلاق المؤمنين، والله غفور رحيم.
ويقول سبحانه:
(وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)
الواو عاطفة، وقد عطفت قوله تعالى: (وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكمُ الآيَاتِ) الآيات ظاهر القول أنها هي الآيات القرآنية الدالة على المواعظ الشرعية، والرحمة بالجماعة الإسلامية، فإن القرآن موعظة ورحمة وهدى، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ

الصفحة 5163