كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

و (ما) نافية، ومعنى ما يعبأ لَا يبالي، ولا يحمل عبئكم لولا دعاؤكم، أي لولا عبادتكم عبادة صحيحة تؤمنون فيها بالواحد، فالدعاء هنا العبادة، ودعاء اللَّه عبادته، أي أنه سبحانه لَا يهتم بكم إلا لأجل تصحيح عبادتكم، ويصح أن يقال إن الدعاء هنا هو دعوتهم إلى العبادة الصحيحة والمؤدى واحد، وفي الأول يكون " دعاؤكم " الدعاء منهم لِلَّهِ تعالى، وفي الثاني يكون الدعاء من اللَّه ورسوله إليهم ليعبدوه سبحانه وتعالى.
وجعل بعضهم اللفظ يحتمل هذا المعنى لولا دعاؤكم الأوثان وعبادتهم، وذلك ضلال في عقولكم، وأفن في أنفسكم، واللَّه لَا يرضى لعباده هذا الضلال، ونحسب أن التخريج بعيد في تأويله وتفسيره.
وقال تعالى: (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) الفاء للسببية، أي لَا يبالي سبحانه بكم لولا أنه يدعوكم بالحق، وبسبب تكذيبكم لَا يعبأ بكم لَا يبالي (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) الفاء عاطفة وسوف لتأكيد الوقوع في المستقبل، واللزام مصدر لازم، فمصدر فاعل فِعال ومفاعلة، وهو ملازمة العذاب لهم، وقد قال تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129).
ومعنى النص في الآية الكريمة السامية لَا يبالي بكم ربكم لولا دعاؤكم أن نعبدوا اللَّه وحده، ولكن كذبتم دعوة الحق وأصررتم على تكذيبكم، فسوف يكون العذاب ملازما لكم وتكونون خالدين فيه.
* * *

الصفحة 5327