كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

والفاء في قوله تعالى:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي بسبب أن الرسول أمين لكم اتقوا اللَّه وأطيعون.
(وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ... (109)
(مِنْ) لاستغراق النفي، أي لَا أسألكم على هذا التبليغ أي أجر مما يتعلق بالدنيا، لَا أسألكم جاها، ولا رياسة، ولا سلطانا، ولا غاية، ولا مالا، ولا أي عرض من أعراض الدنيا، (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) إن نافية، أي ليس لي أجر إلا عند اللَّه تعالى، وعبر بـ على للإشارة إلى علو هذا الأجر وهو يعلو عليكم، ولا يمكن أن تتساموا إليه؛ لأنه من رب العالمين الذي يدين له العالمون أجمعون بالربوبية والطاعة والخضوع.
وإذا كنت لَا أجدْ منكم جزاء ولا شكورا
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ) الفاء للإفصاح، لأنها تفصح عن شرط مقدر كأنه هو: إذا كنت أمينا لكم ولا أريد عرضا من أعراض الدنيا، فاتقوا اللَّه، وأطيعوني، لفضل الإخلاص والأمانة - أجابه قومه على هذه الدعوة المخلصة إلى الحق بالتمرد.
(قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)
الأرذلون جمع أرذل أي الذي بلغ أقصى المهانة في نظرهم، وهم الفقراء والضعفاء والعبيد، وكأنَّهم يتخذون قوة الحق من قوة معتنقيه، وحالهم، ولأنهم لَا يريدون أن يتساووا بهم، ودعوة الرسل المساواة بين القوي والضعيف. والغني والفقير، والاستفهام إنكاري لإنكار الوقوع، أي لَا يقع منا اتباع لك، بحيث نتساوى مع الأرذلين الذين اتبعوك، وكذلك فعلت قريش مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقد ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ونهى اللَّه نبيه أن يلتفت إليهم (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)، وفي قراءة وأتباعك جمع تبع أي ليس معك إلا الأرذلون.

الصفحة 5378