كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

وخاطبهم، بذلك نبيهم هود عليه السلام عن ربه العليم الحكيم. والبطش السطو، والعسف قتلا بالسيوف، أو ضربا بالسياط، والجبار المتسلط العاتي، وقد نفى اللَّه تعالى عن نبيه أن يكون جبارا فقال: (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ)، ومعنى ْالنص أنكم يا عاد طغاة جبارون إذا بطشتم عاسفين كان بطشكم بطش جبارين يسومون الضعفاء الذل والهوان.
ويجب أن تتخلفوا عن هذا الوصف الذميم، وترفقوا بأنفسكم، ولذا قال لهم هود ذاكرا عن ربه:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131)
الفاء للإفصاح، أي إذا كنتم كذلك غير مترفقين (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) أي اجعلوا بينكم وبين غضب اللَّه وقاية، واجعلوا التقوى شعاركم يذهب غروركم بالقوة، وأطيعون فيما أنقل لكم من شرع الله تعالى والنظام المحكم.
ولقد أخذ هود عليه السلام يذكرهم بنعم الله عليهم، وأنها توجب أن يملئوا أنفسهم بتقواه خوفا من عذابه، وشكرا لنعمته
(وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)
الواو عاطفة، وقد أمرهم بالتقوى عامة، وبالطاعة كذلك، وهنا يأمرهم بتقوى صاحب النعمة التي أنعمها عليهم، والذي أمدهم بالنعم التي كانت بها قوتهم في الأرض وقدرتهم على البطش كالجبارين، والأمر بالتقوى يتحقق بان تمتلئ نفوسهم بتقواه وللحمل على الوقاية، وأن تكون قلوبهم خاشعة مملوءة بمهابته، ومخافته، لَا أن يكون أمرهم بورا، ولا يرهبون، ولا يقدرون، وقوله تعالى: (بِمَا تَعْلَمُونَ) علما محسوسا ترونه، وتتبحبحون فيه، وما اتخذتموه قوة للبطش والظلم، ولم تتخذوه قوة للعدل وإقامة القسطاس المستقيم.
(أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133)
أي أمدكم بكل أسباب القوة، أمدكم بالأنعام، وهي رمز لقوة المال، وفيها رغد العيش، ومتعة النفوس، كما قال تعالى في سورة

الصفحة 5385