كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

(فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)
-
الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي ترتب على ما قالوا الحكم بتكذيبهم، والفاء الثانية عاطفة للترتيب والتعقيب، أي عقب تكذيبهم، فأهلكوا بريح صرصر عاتية، كما قال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ)، وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً)، أي إن في هلاكهم بعد التكذيب، ونفيهم للتعذيب والبعث، وبطشهم وقوتهم وغرورهم لآية دالة على قدرة اللَّه تعالى، وأنه يأخذ الظالمين في قدرتهم، ولا يعجزون الله، فما كانوا معجزين.
ثم حكم اللَّه تعالى عليهم باستمرار كفر أكثرهم، وكانوا بذلك مستحقين لما نزل بهم، ولذا قال تعالى: (وَمَا كانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) فما كان الهلاك للمؤمنين بل كان للكثوة الكافرة، وما أغنى عنهم طغيانهم وبطشهم.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)
(وَإِنَّ رَبَّكَ)، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - لهو العزيز الغالب الذي هو فوق كل شيء، الرحيم في أحكامه، وإمهاله، ومن رحمته ألا يتساوى المحسن مع المسيء، ولا الأعمى والبصير، والله هو العليم الحكيم، وقد أكد سبحانه وتعالى عزته ورحمتة بـ إنَّ المؤكدة، وباللام، وبضمير الفصل، وبأنه وحده المختص بالعزة والرحمة.
وقد كان سبحانه يعقب قصة كل نبي بهاتين الآيتين.
* * *

الصفحة 5388