كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

الرابعة - أن أكثر ما فيه من معانٍ وقصص، وشرائع في زبر الأولين، أي أن القرآن الكريم بعضه في كتب الأولين، والزبر جمع زبور، وهو الكتاب، وإن ذلك يكون على أن الضمير يعود إلى الكتاب ومقتضى السياق، ويكون المعنى على هذا إن هذا الكتاب مشار إليه في الكتب السابقة، وهو مهيمن عليها مبين للصحيح، كما في قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ).
ويصح أن يكون الضمير عائدا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه مبشر به في التوراة والإنجيل، كما قال تعالي: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157).
(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199)
الواو عاطفة على فعل، وسياق القول الحكيم أينكرون، ولم يكن لهم آية تدل على الصدق أن يعلمه علماء بني إسرائيل وهم أهل علم بالكتاب، والضمير يعود إلى القرآن في (يَعْلَمَهُ) أي إذا كنتم مدعين جهلكم أو لم تكن عند دلالة على الصدق أن يعلم خبره علماء بني إسرائيل، وما كفروا به إلا عنادا وطغيانا، أو نقول كما قال بعض التابعين: المراد من علماء بني إسرائيل العدول الذين آمنوا واهتدوا كعبد الله بن سلام، وقيل: وسلمان الفارسي، وابن عباس اختار التعميم حتى يشمل من آمن، ومن لم يؤمن، وقد قال تعالى في بني إسرائيل: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا

الصفحة 5409