كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

قال تعالى:
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) أي إن ذلك شأنهم، ولذلك كان النفي داخلا على المضارع، لأن فيه تصويرا لعدم إيمانهم، إذ هم ماديون حسيون لَا يؤمنون إلا بالحس، وما يشبهه، هذا معنى قوله: (حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) المؤلم الشديد في إيلامه؛ أي لَا يؤمنون إلا بما يحسون، وكذلك شأن الكافرين لَا يؤمنون بالغيب، بل يؤمنون بما يرون ويحسون فقط، والفرق بين الإيمان والكفر هو الإيمان بالغيب، فالكافر لَا يؤمن إلا بالحس والتجربة المحسة.
قوله تعالى:
(فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202)
الفاء فاء السببية، أي يترتب ما بعدها على ما قبلها، وهي عاطفة على يروا، أي أنهم في جهالتهم عمون عن الحق لَا يدركونه، ولا يتوقعونه، (فَيَأتِيَهُم) والضمير يعود إلى الساعة؛ لأنها في أذهانهم جميعا مؤمنين بها أو جاحدين لها، فهي مستولية عليهم إيمانا أو استغرابا، فتأتيهم مباغتة لهم حيث يستمرئون الحياة الدنيا وما فيها من متع غافلة غير شاعرة، وقد ألهتهم لواهيها، وتكاثرها.
وإنهم إذ يكونون في الآخرة يحسون بطلب العودة، وقال تعالى في حالهم
* * *
قال تعالى:
(فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)
* * *

الصفحة 5411