كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

وقوله تعالى: (وَمَا يَسْتَطِيعُونَ)، أي ولو انبغى لهم لما استطاعوا ذلك. قال تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)، ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته ما وصلوا إلى ذلك؛ لأنهم بمعزل حين استماع القرآن حال نزوله؛ لأن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا في مدة نزول القرآن على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد، ولم يجد منه لئلا يشتبه الأمر، وهذا من رحمته بعباده وحفظه لشرعه، وتأييده لكتابه ولرسوله، ولذا قال تعالى:
(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)
وكل هذا على أن الضمير في (به) من قوله تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) يعود على القرآن، وهو في النفوس المؤمنة يملؤها، والمشركة يساورها، ولا احتمال سواه.
* * *
التوحيد لب الإيمان
قال تعالى:
(فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)
* * *

الصفحة 5415