كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

النبأ: هو الخبر العظيم الشأن البعيد الأثر، وهو يقين في علمه، إذ علمه عن عيان ومشاهدة، وحضور، والنبأ الخطير الشأن العظيم، هو أنه وجد امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء، أي أن قومها آتوها من كل أسباب الحكم بالخضوع والطاعة، والاستسلام ما جعلها ملكة عليهم، ولها في هذا الملك عرش عظيم ذو أبهة ورونق، وإشعار بعظم السلطان، وهذا قوله تعالى في كلام الهدهد
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)
وقد أكد كلامه باللام وقد، وقال إنها تملكهم للإشارة إلى أن خضوعهم لها كخضوع العبيد لمن يملكهم، وبني للمجهول إيتاؤها كل شيء، وهذا يفيد أن قومها آتوها أمرهم، ووضعوا رقابهم تحت سلطانها. وسبأ من خير أرض اللَّه تعالى وأمكنها بخيراته، وقد قال تعالى فيها وفيهم: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)، ويقول الحافظ ابن كثير: وسبأ هم حمير وفيهم ملوك اليمن والمرأة التي كانت تحكمهم. هي بلقيس بنت شرحبيل وكانت ملكة لسبأ.
وقال الهدهد الخبير الصادق الأمين:
(وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)
كان في هذا العصر أقوام عظموا الشمس لما فيها من دفء، ومن أشعة تحيي زرعهم، ولذلك شاعت عبادة الشمس في أهل مصر، لأنهم أهل زرع، وفي سبأ؛ لأنهم أيضا أهل زرع وأهل حدائق غلب، فشاعت فيهم عبادة الشمس ضلالا

الصفحة 5447