كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

كريم، فقدمت القول الحسن، الاحترام والتجلة، ووصفت الكتاب بأنه كريم طيب داع إلى خير لَا فساد، وتلت عليهم الكتاب وهذا نصه:
(إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ابتدأ بذكر المرسل واكتفى باسمه، ويظهر أنه كان معروفا بين ملوك الأرض، لأنه أقواهم، وأعظمهم قدرا وأوسعهم سلطانا، وعلما وصرفة، وهل هناك علم أعلى من أنه يعرف منطق الطير، ومنطق الأحياء، وإنه أوتي من كل شيء قوة وعلما، قوله:
(أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) أن: هنا مخففة من الثقيلة، أي أنه الحال والشأن لَا تعلوا عليَّ وتستكبروا وتتعاظموا على حين تكون مغالبة، وائتوني مسلمين، وفي كلمة مسلمين إيراد الإيمان باللَّه وإسلام وجوههم للَّه تعالى، قال بعض المفسرين ذلك، وقال بعض المفسرين: المراد أن يستسلموا له ويخنعوا له، وبعد ذلك تكون دعوة الإيمان والإسلام، وأميل إلى هذا، لأنه المناسب لقوله: (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ).
وقد استرسلت الملكة العاقلة فقالت:
(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)
جمعت قومها، واتخذت خطابها مع أشرافهم وذوي الرأي فيهم الذين يولون ويعزلون، وقالت لهم: (أَفْتُونِي فِي أَمْرِي). وأضافت الأمر إليها، إذ هي المسئولة عنهم، والمخاطبة بأمر القوم عنهم، وأخبرتهم أنهم لَا تبتُّ في أمر وتقطع فيه برأيها منفردة دونهم ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون، حتى تشهدوا الأمر وتعاينوه، ونكون معا، والنون نون الوقاية، وياء المتكلم محذوفة أي حتى تشهدوني، أي حتى تحضروا معي وأتبادل الأمر معكم لنعرف ما يكون فيه خيركم. أجابوها بما يقوي عزمها ويشد أزرها ويطمئن حكمها كشأن حاشية الملوك، ومدبري الأمر معهم قالوا:
(نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)
أجابوا بثلاثة أمور مطمئنة ملقية في نفسها روح الاطمئنان على حكمها وسلطانها.

الصفحة 5451