كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)
* * *
بعد ذكر قصة سليمان ملك الأنبياء، وكيف كانت حياته وملكه ونبواته معجزات متوالية، وكل شيء كان يجري بأمر خالد، ذكر سبحانه قصص بعض الأنبياء، وابتدأ من بعده بصالح، وهو صورة لنبي لم يكن ملكا بل كان من الشعب، هئمَ قومه أن يقتلوه.
وليس في قصة صالح وثمود تكرارا، بل ذكر فيه ما لم يذكر في غير هذا الموضع، ولم يذكر فيه ما ذكر في غيره، لم تذكر المعجزة وهي الناقة، وما كان منهم من اعتداء عليها، وذكر هنا الائتمار على قتل صالح وامرأته، ولم ينجه منهم إلا إنزال العذاب بهم، وما ترك العذاب فيهم من عبر.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)
الواو استئنافية أكد اللَّه تعالى الإرسال حيث دعت دواعيه، وأكده باللام، وقد، وإضافة الإرسال إلى ذاته العلية، وذكر سبحانه أن الإرسال كان بإرسال أخيهم أي أنه واحد منهم يعرف أمرهم وحالهم، وهو رءوف عليهم شفيق بهم قد عرفوا صدقه وأمانته وحبه لهم، وإلفهم به، وكانت الرسالة هي عبادة اللَّه تعالى وحده؛ ولذا دال: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) أن تبشير لمعنى الرسالة، وعبادة اللَّه لَا تتحقق إلا بأن تكون العبادة للَّه تعالى وحده، لَا يشرك به شيئا، فإذا عبد مع اللَّه غيره فقد أشرك ولم يعبد اللَّه تعالى، لقد كانوا يعبدون الأوثان فلم يكونوا يعبدون اللَّه فكان أمرهم بعبادة اللَّه وحده متضمنا لنهيهم عن عبادة غيره من الأوثان وغيرها،

الصفحة 5460