كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

دارهم جاثمين، (دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ)، وصار الذين كانوا يهددون هم مساقط الأحجار، وموطى المارين.
(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)
الفاء: أيضا للإفصاح، أي إذا كانوا قد مكروا ودبرنا لحماية الحق فتلك بيوتهم خاوية، والإشارة إلى البقاع التي كانت لثمود، وقد أهلكهم الله تعالى بالصيحة، وخاوية: أي فارغة لَا ساكن فيها، ولا أحد يجيء إليها، وبكون من خوى إذا فرغ، وخلا ويكون تشبيها لأرضهم في خلوها من أهل، بالبطن إذا خلت من الطعام، وكان المآل الهلاك والبوار، فإن المكان الخالي من السكان مآله البعد، وأما إن خوى بمعنى سقط، فهي ساقطة متهدمة، من قولهم خوى النجم إذا سقط تهدم.
ولقد استغلظت قريش في معاملتها للمؤمنين الذين كانوا الخلية الأولى للإيمان، واستهانوا بهم، وحسبوا أنفسهم الأقوياء على الرسول، وهذا الذي فعله سبحانه مع ثمود آية لهم دالة على أن هلاكهم يسير إذا أراد اللَّه، ولذا قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْم يَعْلَمُونَ)، أي لآية دالة، ما يعقب الكفر والاعتداء لقوم يعقلون، وهذا دعوة لقريش ليعقلوا ويتدبروا عاقبة أمرهم.
هذا هلاك الكافرين المعتدين أما الذين آمنوا فقد نجاهم اللَّه فقال:
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)
أي الذين أذعنوا للحق وآمنوا به، وهدموا الأوثان، وكان من شأنهم التقوى وخوف اللَّه تعالى ووقاية أنفسهم من غضب اللَّه، ورجاء رحمته، وعبر بالمضارع لتصوير حالهم في تقواهم.
* * *

الصفحة 5464