كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 10)

البطلان أو كيف يوازن بالخالق والمخلوق، والمنشأ ومن أنشاه. تعالى الله عما يشركون، ولا يستويان فلا يستوي الخالق والأوثان. ثم ذكر سبحانه من بعد ذلك أدلة الوحدانية وأن اللَّه تعالى هو المعبود وحده فقال عز من قائل:
(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)
ذكر سبحانه وتعالى في الآية السابقة (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)، بالاستفهام، وهو نفي للمعادلة، وفي هذه الآية يوضح بطلان الموازنة بين خالق السماوات والأرض، والموازن معه محذوف مع تقديره في القول، وحذف استهانة به مع ذكر مدلوله في الجملة، والمقصود الأول التعريف بالذات العلية جل جلاله، والمعنى أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وأنزل لكم من السماء ماء خير أما تشركون، وذكرت النتيجة أإله مع اللَّه.
وأم في قوله أمن خلق السماوات منقطعة، فهي للإضراب الانتقالي، وهو يدل على التوبيخ والتبكيت، وفي قوله أم ما تشركون قراءة بالتاء وتكون للخطاب، وقراءة بالياء وتكون للغائب، والمعنى ظاهر في القراءتين، وهو آية أمن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء. . . كأنها تكون تبكيتا صريحا، بعد أن كان في الآية السابقة تبكيتا ضمنا، وتصريح بسبب العبادة وموجب الإذعان والخضوع، ومَنْ مبتدأ، والإضراب الانتقالي فيه معنى الاستفهام، والمعنى ننتقل إلى أمر واضح: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وأنزل من السماء ماء، خير أم ما تعبدونهم. وجاء بجملة تحل محل نفس المساواة في المعادلة فقال أإله مع اللَّه.
وقال سبحانه: خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء، فيه تعميم لبيان أن خالق الوجود كله: السماوات والأرض وما فيها، ثم تخصيص النعم القريبة بالذكر، وهي التقاء السماء بما فيها والأرض بما فيها من خير للإنسان والحيوان. وتكلم عنها بالغيبة، لأن الإخبار، والإعلام به، وهو واضح بين؛ لأن الخلق، وإنزال الماء إلى الأرض، وهو من التزاوج بين السماء والأرض، ولكن عند

الصفحة 5470