كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 2)
العبادة " (¬1)، وإن الله تعالى يحب دعاء عبيده وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله يحب المُلحين في الدعاء " (¬2)، روي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من لم يدع الله تعالي غضب عليه " (¬3).
فالدعاء على هذا عبادة واستغاثة واتجاه إلى الله تعالى كما جاء في المعنى اللغوي فقد جاء في القاموس وشرحه: الدعاء الرغبة إلى الله تعالى فيما عنده من الخير، والابتهال إليه بالعبادة والاستعانة، وبالثناء عليه تعالت ذاته العلية عن الشبيه والمثيل.
وإذا كان ذلك شأن الدعاء ومقامه، فقد قرب الله الداعين إليه وقال تعالى: (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
ْالفاء للإفصاح عن شرط مقدر مضمونه إذا كنت قريبا منهم أجيب دعوتهم إذا دعوني وأقبل عبادتهم - إذ كان دعاؤهم عبادة واستغاثة وثناء عليه سبحانه - إذا كنت كذلك بالنسبة لهم فليستجيبوا لي فيما أدعوهم إليه من إقامة للعدل ودفع للظلم، وإصلاح في الأرض، ومنع للفساد، وإصلاح ذات بينهم، ومن إفراده بالعبادة والالتجاء إليه. والاستجابة الإجابة بعد معالجة النفس وحملها على الإجابة أو المبالغة في الإجابة بالطاعة والإحسان فيها وأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فليشعر أنه في رقابة الله تعالى.
قال تعالى: (وَلْيُؤْمِنوا بِي) أي حق الإيمان بأن يؤمنوا بأن الله واحد أحد لا شريك له، وأن يؤمنوا بقدرته التي أبدعت وخلقت كل شيء فقدرته تقديرا، وأنه المستعان في الشدائد والملجا في المكاره، وليستنوا بسنته في كل أحوالهم، ولقد قال تغالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2).
¬________
(¬1) سبق تخريجه من رواية الترمذي عن أنس بن مالكَ رضي الله عنه -.
(¬2) أخرجه الطبراني في الدعاء بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة بقية عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعا [أفدته من فتح الباري - أول كتاب الدعوات].
(¬3) رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده بـ 2 ص 443، 477، بلفظ (من لم يدع الله غضب الله عليه).
الصفحة 563
5482