كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)
بإساءته، وهو الذي تجد فيه كل نفس ما عملت محضرا، يُعلِنُ ما تستحق من عقاب أو ثواب.
و (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فيه قراءات تختلف في أشكالها، ولا تختلف في مضمونها فقرئ هكذا: مالك يوم الدين، وقرئ: مليكِ يوم الدين، وقرئ: مَلِكِ يوم الدين، وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه: مَلَكَ يومَ الدين، وقرئ: مالكًا يومَ الدين، وقرئ: مالكٌ. والقراءات كلها تنتهي إلى معنى واحد، وإن كانت تختلف في أعاريبها، والنص العثماني يشملها جميعا، ولا تخالف في النسخ المتواتر، بيد أن قراءة النصب " مالكًا " تكون حالا من الذات العلية، أي أنه الرب للوجود كله والمنعم عليه بجلائل النعم؛ جليها وخفيها، حال كونه مالكًا من بعد ذلك ليوم الجزاء، الذي يجزي كل نفس ما كسبت، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، و " يوم الدين " تكون ظرفا غير مضاف إليه، وكذلك في قراءة الرفع مع التنوين يكون يوم الدين ظرفا للملك وكمال السلطان.
وقراءة " مالك " تفيد أن كل شيء مملوك لله تعالى في ذلك اليوم، فالنفوس في مآلها وفي نهايتها ملك لله، ومستقبلها القريب والبعيد لله لَا تملك من أمرها شيئا، بل كما قال تعالى: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ)، وإذا كان سبحانه وتعالى يملك كل شيء في هذا اليوم، فالسلطان، والتدبير له، وحده الذي يملك الجزاء، والمغفرة إذا أراد، ولا إرادة لسواه، إنه الحكم العدل اللطيف الخبير.
و" مَلْك "، و " مَلِك "، الفرق بينهما وبين قراءة " مالِك " كالفرق بين المصدرين، المِلْكِ، والمُلْك، فالمِلْك استيلاء على الأشياء يكون مردها إليه، والمُلْك السلطان
الصفحة 60
5482