كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)
بالأمر والنهي وتنفيذ ما يريد، وألا يكون معه آمر ولا ناه ولا حاكم سواه، ولا إرادة فوق إرادته، ولا حكم فوق حكمه.
ويلاحظ أن معنى المُلك يتضمنه بالاقتضاء معنى المِلْكِ، لأن من ملك شيئا ملك السلطان فيه، والسيطرة عليه، فالمِلْكَ يقتضي المُلْكَ والسلطان، والمُلْكُ لا يقتضي المِلك والسلطان، ولذلك يقال سبحان مالِك الملك، ولا يقال مَلِكُ الملك.
ورأينا أن كل قراءة متواترة قرآن، وأن القرآن لَا يخالف بعضه بعضا، بل قد يُتِمُّ بعضه بعضا، وليس لنا أن نراجح بين قراءة وقراءة، لأن كلتيهما تتمم الأخرى.
وخلاصة القول في القراءتين أن قراءة (مَلِك يوم الدين) موضِّحة لما تضمنته (مالك يوم الدين)، ولا نتصور أن تتعارض قراءتان متواتران؛ لأن القرآن لَا يضرب بعضه بعضا. وفي الإعراب " مالك " أو " مَلِكَ " مضاف إلى يوم الدين على أنه هو المسيطر المتصرف المالك لأحداث ذلك اليوم من جَزاء: ثواب أو عقاب أو مغفرة، وأنه واقع لَا محالة، وأن ما فيه في ملكه وتحت سلطانه وحده.
وإن اسم الفاعل يدل على الاستقبال، فلا يقال إنه مالك لليوم واليوم لم يجئ، وإن الأزمان الماضي والحاضر والمستقبل كلها بالنسبة لله تعالى واحدة.
هذا، ويلاحظ أن الأسماء أو الصفات هي كما أشرنا من قبل من قبيل السبب لانفراد الله تعالى بالحمد الكامل، فالربوبية الكاملة بالإنشاء لهذا الوجود وما فيه ومن فيه، وتعهده بالإنماء والتربية والتهذيب والتكميل، والرعاية لكل شيء، (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ)، ثم رحمته الظاهرة والباطنة، والعاجلة والآجلة التي تعم الوجود كله من سماء
الصفحة 61
5482