كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)

وقراءة الفاتحة مطلوبة في الصلاة بحيث لَا تكمل الصلاة إلا بها بيد أنها فرضٌ عند الشافعي لَا تصح الصلاة إلا بها، وكذلك عند الجمهور لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا صَلاةَ لمن لم يقرأ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ " (¬1)، ولذلك سميت الصلاة، كما ذكرنا من قبل، لأن الصلاة ملازمة لها، ومن المجاز المرسل أن يسمى اللازم باسم الملزوم؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عُرف أنه ترك قراءة الفاتحة. وعند أبي حنيفة رضي الله عنه الفاتحة واجبة، والواجب عند الحنفية دون الفرض؛ لأن الفرض ما ثبت طلبه حتما بدليل قطعي لَا شبهة فيه. والواجب ما ثبت طلبه الحتمي بدليل ظني فيه شبهة، والفرض في الصلاة بالنسبة للقراءة قراءة ما تيسر من القرآن لقوله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ. . .)؛ ولذلك لو ترك الفاتحة وقرأ أي قدر من القرآن تصح صلاته، وإن كانت غير كاملة؛ لأن الفاتحة تعينت للوجوب بدليل ظني فيه شبهة، وهو حديث الآحاد.
* * *
و (آمين) يجب النطق بها عقب قراءة الفاتحة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " وعلمني جبريل آمين عند فراغي من قراءة الفاتحة "، وقال: " إنه كالختم على الكتاب " (¬2)، فقد روي أن عليا كرم الله تعالى وجهه قال: (آمين خاتم رب العالمين) (¬3) روي عن وَائِلِ ابنِ حُجْرٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ولا الضالين آمين " (¬4)، وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين " (¬5)
¬________
(¬1) أخرجه البخاري: كتاب الآذان - باب: وجوب القراءة للإمام والماموم، ومسلم: كتاب الصلاة - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
(¬2) سنن أبي داود: الصلاة - التأمين وراء الإمام بنحوه.
(¬3) أخرجه ابن عدي، والطبراني في الكبير؛ عن أبي هريرة بلفظ: آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين.
(¬4) الترمذي: الصلاة - ما جاء في التأمين وكذا رواه أبو داود: الصلاة (923) وبنحوه عند أحمد: أول مسند الكوفيين (18362) والدارمي: الصلاة (1219).
(¬5) أخرجه البخاري: الأذان: جهر المأموم بالتأمين (782)، ومسلم بنحوه: الصلاة: (250).

الصفحة 72