كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)

المدينة؛ لأنه المعجزة الدائمة التي يُتحدى بها المنكرون في كل الأحيان والعصور (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88).
ثانيًا: أن السور التي صُدرت بهذه الحروف ذُكر الكتاب بعدها، مما يدل على أن للكتاب الكريم صلة بالابتداء بهذه الحروف، وثلاث سور فقط هي التي لم يأت ذكر للكتاب عقبها، وهي سورة مريم، فلم يذكر الكتاب عقب الحروف، وإن جاء ذكره بعد ذلك في مناسبات أخرى، وكرر ذكره بهذه المناسبات، وسورة العنكبوت فإن ذكر القرآن لم يعقب الأحرف، وكذلك سورة الروم، وما عدا هذه السور الثلاث ذكر القرآن الكريم في أعقابها.
ثالثا: أن عدد الحروف التي ابتُدِئَت بها السور أربعة عشر حرفا، وهي نصف الحروف الهجائية، وهي تشتمل على أنواع مخارج الحروف المختلفة، وهذه الحروف هي الألف، واللام، والميم، والصاد، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والراء، والسين، والطاء، والحاء، والقاف، والنون.
ولا يحفظها ويقرأها إلا من يعرف القراءة والكتابة، فالأُمي لَا يعرفها وإن عرف بعضها، لَا يعرفها كلها، وإلا كان قارئا كاتبا؛ ولذلك هي في القرآن على لسان النبي الأمي من دلائل إعجازه.
قال الله تعالى: (وَمَا كنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
وإنه بتتبع السور الكريمة التي صدرت بهذه الحروف التي قدسها الله سبحانه وتعالى بذكرها، وإعقاب القرآن في أكثرها بها يدل على الارتباط الوثيق بينها وبين القرآن الكريم؛ لأنه اشتمل عليها، ولأنها تشير إلى مقامه وإعجازه ومنزلته في هذا

الصفحة 95