كتاب أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد
ونقله في التبصرة 1، فقيل له 2: (أيكره للسلطان أنْ يأخذ الناس بالتهمة فيخلوا ببعضهم، ويقول له: الأمان عليك، فأخبرني: فيخبره؟.
فقال: إنّي- والله- لأكره ذلك، أنْ يقوله لهم، (ويغرّهم) 3، وهو وجه الخديعة).
قال "ابن رشد": (وجه الكراهة: أنّه إذا قال له ذلك، فهو من نوع الإكراه على الإخبار، ولعلّه يخبره بالباطل لينجو من عقابه، فإقراره على نفسه من باب الإقرار تحت الوعيد، والتهديد لا يلزمه) 4 اهـ.
لأنّ هذا الذي كرّهه الإمام مالك- في هذه الرواية- مخالف لما ورد: "أنّه- عليه الصلاة والسلام- لقى رجلاً، فاتّهمه: أنّه جاسوس، فعاقبه، حتى أقرّ" كما تقدّم عن "القرافي".
ومخالف لما مرّ عنه 5 في كلام التحفة، حيث قال ناظمها:
(وإنْ يكن مطالباً من يتهم … فما لك بالسجن والضرب حكم
وحكموا بصحة الاقرار … من ذاعر 6 يحبس للاختبار) 7
ومخالف لما مرّ عن القرافي، والتبصرة.
لأنّ ماكرّهه الإمام- أي مالك-: هو من باب السياسة، والعمل بها
__________
1 - أنظر ابن فرحون- التبصرة: 2/ 114، "في أحكام القضاء بالسياسة الشرعية".
2 - أي: الإمام مالك.
3 - في "الأصل" (ويغرمهم) وفي "ب" (ولغيرهم) وكلاهما تصحيف، والصواب ما أثبتناه من "ج" كما هو ثابت في "التبصرة لابن فرحون ".
4 - نقله ابن فرحون في "التبصرة": 2/ 114.
5 - أي: عن الإمام مالك.
6 - "الذاعر" المفزع والمخيف وهو الزاني الفاسق السارق (التُّسولي- البهجة في شرح التحفة: 2/ 363).
7 - أنظر المصنف في "البهجة في شرح التحفة لابن عاصم": 2/ 363، فصل: "في دعوى السرقة".