كتاب أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد

الوجوه الذين لا يولّون الأدبار، وعند كل خمسة أشهر ونحوها يأمر بالضرب بين يديه بمرأي منه، فمن رآه منهم كثير الإصابة والتدريب أحسن إليه، وقرّبه لديه، وهكذا حتى يعرف من كل قبيلة أبطالها وشجعانها، فيعينهم حينئذ للاستنفار: الأمثل فالأمثل، ومن وجده من القبائل لم يعتن بما أمره به من تعلّم الحروب أهانها وأهان قائدها ولامهم على مخالفة أمره، ولا يتّكل في اختيارهم على غيره فينتظم الأمر حينئذ) 1.
كما امتاز هذا الكتاب بالشمولية فإلى جانب كونه مؤلفاً جهادياً مستقلاً تناول فيه مسائل ذات أهمية بالغة- كما بيّنّاه سابقاً- ناقش فيه- أيضاً- بعض القضايا التي لها صلة بالجهاد وجعل لها فصولاً مستقلة فتعرض لقضية عقوبة العاصي بالمال، وعقوبة مانع الزكاة وأخذ الغير بجريرة قومه وغيرها.
وقد جمع في كتابه هذا الكثير من الأقوال والمسائل الفقهية الجهادية التي رويت عن الإمام مالك وأعلام مذهبه هذا إلى جانب بيان وجهة النظر في المذاهب الأخرى في بعض الأحيان.
كما جمع الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة وآثار الصحابة في الجهاد إلى جانب الاستشهاد بالوقائع الحربية وحيلها ومكائدها.
وممّا يزيد من أهمية هذا الكتاب أن مصادره متنوعة وفيها ما يعتبر من أمهات المذهب، كما بيّناه، فيما سلف.
وقد كان المؤلف يورد المسائل التي اختلفت فيها آراء الفقهاء وكثيراً ما يرجح بينها ويعطي وجهة نظره.
وكان يعطي كل فصل من الفصول الصيغة الجهادية العملية، فلا يكتفي بنقل الأقوال الفقهية في كل فصل وإنما يذيلها بالمواعظ والعبر والحثّ على الجهاد لإعلاء كلمة الله وعدم التكاسل والتخاذل.
__________
1 - أنظر: القسم التحقيقى: 305.

الصفحة 82