كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين

((يا أمتاه حدثيني شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: قال رسول الله: الطير تجري بقدر، وكان يعجبه الفأل الحسن)) (¬1) وفي رواية أنها لما سمعت حديث أبي هريرة (ض) السابق قالت: ((والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول ...)) ثم قرأت: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] (¬2).
كما أنه يوجد هناك بعض الروايات يمكن بها التطبيق بين روايتي عائشة، وأبي هريرة (ض) ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن كان الثؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس)) (¬3) وهذا ليس حكاية للواقع وإنما على صورة التعليق (¬4).
4 - رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - الرب تعالى:
عن ابن عباس (ض) أنه كان يقول: ((إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه مرتين، مرة ببصره، ومرة بفؤاده)) (¬5) فسأل مسروق عائشة (ض) فقال: يا أمتاه هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث، من حدثكهن فقد كذب، من حدثك أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103] {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. وقد وردت أحاديث أخرى صحيحة في تأييد قول عائشة (ض) كما في صحيح
¬__________
(¬1) مسند الإمام أحمد 129/ 6 رقم 25026.
(¬2) أخرجه أحمد في مسنده 6/ 150 برقم 25209، والحاكم في المستدرك 521/ 2 برقم 3788، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 140، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث 1/ 105.
(¬3) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح برقم 5094، ومسلم في صحيحه كتاب السلام برقم 2225، وأبو يوسف في كتاب الآثار 199/ 1 برقم 900، والطبراني في الأوسط 279/ 7 رقم 7497.
(¬4) عين الإصابة للسيوطي نقلا عن الإجابة للزركشي ص 29 - 127.
(¬5) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 79/ 1 وقال: رواه الطبراني في الأوسط 6/ 50 رقم 5761، ورجاله الصحيح خلا جهور بن منصور الكوفي وذكره ابن حبان في الثقات،
كما أورده البيهقي في الاعتقاد 304/ 1، والقرطبي في تفسيره 56/ 7 و 92/ 17 وكذلك ابن كثير في تفسيره 4/ 251.

الصفحة 253