كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين

إلا وجدنا عندها علما)) (¬1)، وأخرج الإمام ابن سعد: ((يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2)، ويقول التابعي الجليل مسروق: ((أي والذي نفسي بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض)) (¬3).
حتى أمثال ابن عباس، وابن عمر (ض) الذين كانوا يدانونها في الاجتهاد والفقه كذلك يسألونها في بعض القضايا ويتأكدون منها فيها (¬4)، وكذلك أبو موسى الأشعري (ض) الذي يعد من علماء الصحابة لم يكن في غنى عنها (¬5).
كانت المدينة المنورة قلب بلاد الإسلام، فكان الناس يقصدونها من مشارق الأرض ومغاربها ليتشرفوا بزيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيأنسوا بجواره ويتبركوا بآثاره، وينالوا شرف زيارة أم المؤمنين عائشة (ض)، وكانوا يأتون من بلدان بعيدة وأجنبية، لا يكون عندهم اطلاع على الآداب والتقاليد التي لا بد من مراعاتها عند الدخول على أم المؤمنين عائشة (ض)، فكانوا يتعلمون الآداب أول ما يصلون ويبدأون بالسلام.
يقول عبد الله بن أبي موسى: ((أرسلني مدرك أو ابن مدرك إلى عائشة أسألها عن أشياء، فأتيتها فإذا هي تصلي الضحى، فقلت أقعد حتى تفرغ، فقالوا: هيهات، فقلت لآذنتها: كيف أستأذن عليها؟ فقال: قل: السلام عليك ورحمة الله وبركاته)) (¬6).
وكانت توقر من كان يأتيها وتعاملهم معاملة الإكرام والاحترام، ويحول بينها وبينهم الحجاب (¬7)، عن يزيد بن بابنوس قال: ((ذهبت أنا وصاحب لي
¬__________
(¬1) سنن الترمذي باب فضل عائشة برقم 3883.
(¬2) الطبقات الكبرى لابن سعد 375/ 2.
(¬3) أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 12 برقم 6736، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 375.
(¬4) صحيح البخاري كتاب الجنائز، وأبواب الوتر، وكذلك النسائي كتاب الزينة برقم 5306.
(¬5) موطأ الإمام مالك باب الغسل.
(¬6) مسند الإمام أحمد بن حنبل 6/ 125 برقم 24989.
(¬7) انظر: صحيح البخاري باب طواف النساء مع الرجال برقم 1618، ومسند الإمام أحمد 219/ 6 برقم 25883.

الصفحة 329