كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين

وكان عبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري (ض) من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما يعجل الإفطار والآخر يؤجله فسئلت عائشة (ض) عن ذلك فقالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قالوا: عبد الله بن مسعود، قالت: ((كذلك كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (¬1).
وكان ابن عباس (ض) يفتي أن من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، فكتب زياد بن أبي سفيان إلى عائشة (ض) أن عبد الله بن عباس (ض) قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت عائشة (ض): ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله حتى نحر الهدي (¬2).
وفي سنن البيهقي قال الزهري: أول من كشف الغمى عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة (ض)، فلما بلغ الناس قول عائشة هذا أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس (¬3).
وكان أبو هريرة (ض) يفتي أن من أدركه الفجر جنبا فلا يصم، فانطلق عبد الرحمن إلى عائشة وأم سلمة (ض) وسألهما فقالت: كان النبي يصبح جنبا من غير طهر ثم يصوم، يقول عبد الرحمن: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان فقال مروان: عزمت عليك إلا ذهجت إلى أبي هريرة فرددت عليه ما يقول،
¬__________
= الإفطار برقم 702، وأبو داود في سننه باب ما يستحب من تعجيل الفطر برقم 2354، والنسائي في سننه باب قدر ما بين السحور وبين صلاة الصبح برقم 2161، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 153.
(¬1) مسند الإمام أحمد 6/ 242 برقم 26100، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 246، باب فيمن فاته الوتر، وذكره الزركشي في ((الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)) ص 160.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحج برقم 1696، 1699، 1700، ومسلم في صحيحه برقم 1321.
(¬3) سنن البيهقي الكبرى 5/ 234 برقم 9971، وانظر لمزيد من التفصيل ((الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، للزركشي)) ص 96، 95.

الصفحة 331