كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين

أم المؤمنين وهي باذة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت عائشة ذلك له، فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان فقال: ((يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا، أفما لك في أسوة؟ فوالله إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده)) (¬1) يعني أعطي كل ذي حق حقه، ومنه حق الزوجة.
وكانت حولاء (ض) من الصحابيات اللاتي لا تنام بالليل، فمرت بأم المؤمنين عائشة (ض) فقالت للرسول - صلى الله عليه وسلم -: هذه الحولاء، وزعموا أنها لا تنام بالليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لا تنام بالليل؟ خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا)) (¬2). وإن امرأة سرقت في غزوة الفتح فأتي بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر فقطعت يدها، فحسنت توبتها فتزوجت، وكانت تزور عائشة (ض) فيما بعد فترفع عائشة حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، بينما قد لا ترضى غيرها أن تأتيها وتزورها. وجاءت صحابية إلى عائشة (ض) وقد ضربها زوجها وعليها خمار أخضر فشكت إليها وأرتها خضرة بجلدها، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - والنساء ينصر بعضهن بعضا - قالت عائشة: ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات، لجلدها أشد خضرة من ثوبها، فلما سمع زوجها أنها قد أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء ومعه ابنان له من غيرها، قالت: والله ما لي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه، وأخذت هدبة من ثوبها، فقال:
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 226/ 6 برقم 25935، كما أخرجه الإمام ابن حبان في صحيحه 1/ 185، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 301، باب حق المرأة على الزوج، وكذلك في موارد الظمآن 313/ 1 برقم 1288، ورواه عبد الرزاق في مصنفه 6/ 68 - 167 رقم 10375.
(¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 247/ 6 رقم 26137، كما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب الصلاة برقم 784، وابن حبان في صحيحه 2/ 74 برقم 359،
والبيهقي في السنن الكبرى 17/ 3 برقم 4513.
(¬3) صحيح البخاري باب شهادة القاذف والسارق والزاني رقم 2648، وكتاب المغازي رقم 4304، وصحيح الإمام مسلم كتاب الحدود رقم 1688، وسنن النسائي كتاب قطع السارق برقم 4903.

الصفحة 343