كتاب مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع

فلو اقتصر الشيعة على جواز الجمع دفعا للحرج "" َمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ""، وتأسوا بالرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حيث كان يفرق غالب الأوقات، وما كان يجمع إلا نادرا باعترافهم (¬1) ، لو فعلوا ذلك لكان لهم ما يؤيد مذهبهم، ولكنهم يجمعون دائما جماعة وفرادى كما يقول السيد كاظم الكفائى (¬2) ، بل يروون روايات تفيد استحباب الجمع، مثل: عن عياش الناقد قال: تفرق ما كان فى يدى، وتفرق عنى حرفائى، فشكوت ذلك إلى أبى محمد (ع) فقال لى: اجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، ترى ما تحب " (¬3) .
و" عن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال: الجمع بين الصلاتين يزيد فىالرزق " (¬4) .
فهذه مخالفة صريحة لما كان عليه الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولما أمر به سبحانه وتعالى فى قوله: "" إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ""، فالجمع بهذه الصورة مضيعة للمواقيت التى بينها جبريل والرسول عليهما السلام.
وجاء عن طريقهم ـ غير حديث جبريل ـ روايات أخرى تفيد تحديد المواقيت الخمس، ولزوم المحافظة على هذه المواقيت، من ذلك ما كتبه الإمام على لمحمد بن أبى بكر عندما ولاه مصر: " وانظر إلى صلاتك كيف هي، فإنك إمام لقومك. ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها، ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أوقات الصلاة فقال: أتانى جبريل (ع) فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه
¬_________
(¬1) انظر: مفتاح الكرامة ـ كتاب الصلاة 1 / 23.
(¬2) انظر حديثه بآخر هذا الجزء، وهذا ما رأيته في العراق والكويت.
(¬3) الوسائل 5 / 227.
(¬4) الوسائل 5 /227.

الصفحة 973