كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
يوم كانت وسيلة الاتصال الناقة والسفينة، وحين تقاربت المسافات وطويت الَاماد
تقطعت اسباب التواصل وانصرف كل في واد، وقد حدثتك من قبل عن قاسم بن
اصبغ الأندلسي الذي روى عن ابن قتيبة كتبه بمنزله ببغداد، ويا بعد ما بين الأندلس
وبغداد.
ولم يعد هناك من صور التواصل إلا ما يكون من تلك المؤتمرات الأدبية التي
تعقد في عاصمة من عواصم البلاد العربية كل عام أو عامين، تستغرق من الأيام سبعة
او عشرة، وتنتهي جلساتها ببعض القرارات والتوصيات التي تذروها الرياح، بل قد
تكشف هذه المؤتمراب احياناً عن تنافر موحش بين اعضاء الوفود، نتيجة اختلاف
المشارب والأهواء، وإقحام قضايا تجافي روح الأدب والفكر.
وإذا كانت الأمة العربية تشترك كلها مشرقاً ومغرباَ في مسؤولية التواصل هذه،
فإني أشهد ان المغاربة لم يقصروا، وما برحوا يمدون ابصارهم إلى المشرق، تكريماَ
لعلمائه وإفادة منهم، فهذه الدروس الدينية الرمضانية التي تلقى بين يدي جلالة
الملك الحسن الثاني ملك المغرب، في قصره بالرباط، والتي تسقَى: الدروس
الحسنية، يدعى إليها كبار مفكري الِإسلام من البلاد العربية، وقد دعي من علماء
مصر هذا العام أستاذنا الجليل محمود محمد شاكر - ويسميه بعضهم هناك: شيخ
العربية - والباحث الدكتور مصطفى محمود.
وقد حذَئني احد منظمي مهرجان ابن زيدون في الرباط أنَ وزارة الثقافة
المغربية قد دعت إلى هذا المهرجان كل من له أدنى صلة بابن زيدون في مختلف
البلاد العربية، وقد دعي من ادباء مصر عدد وفير ليسوا كلهم على صلة بابن زيدون،
بل إن بعضهم لا وجود له فيما يكتب من أدب في مصر هذه الأيام، وقد كانت له
أيام، ولكنها رغبة المغاربة الدائمة في تكريم الأديب المصري، وإجلالهم لماضيه،
وحين زالت الحواجز التي كانت تعوق حركة المصريين اندفع المغاربة في دعوة كثير
من أساتذة الجامعات المصرية للِإفادة من علمهم في قاعات الدرس بالجامعات
المغربية.
116