كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

وانشدها المنشدون. ومنهم ابن زريق صاحب القصيدة العينية البديعة التي يسمع
المحب فيها رجع أناته، ويحس الغريب منها لذع الغربة يكوي فؤاده ويشده إلى مراتع
صباه ومراتع لهوه، ويغذي الصوفي بها مواجيده وأشواقه، ثم يجد فيها قارىء الشعر
متعته بما يسري فيها من نغم علوي وإيقاع آسر.
وقد شرَّقت هذه القصيدة وغزَبت، وعُدَّ حفظها من أسباب الظرف. روى
ابو عبد اللّه الحميدي المتوفى سنة 488 هـ، عن الِإمام أبي محمد بن حزم، قال:
"يقال: من تختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وحفط قصيدة ابن زريق
فقد استكمل الطرف " (1).
وابن زريق صاحب هذه القصيدة هو: أبوالحسن علي بن زريق الكاتب
البغدادي، عاش في بغداد ثم رحل إلى الأندلس وبها توفي. ولم ا. جد له ترجمة تعين
تاريخ مولده أو وفاته. ويرى المستشرق الألماني كارل بروكلماذ) (2) أنه توفي نحو
سنة 0 42 هـ، وقد أورد له صلاح الدين الصفدي (3) ترجمة موجزة جدأ، ذكر فيها أنه
أنشأ هذه القصيدة في مدح العميد أبي نصر وزير طغرلبك. وأبو نصر هذا هو: عميد
الملك الوزير محمد بن منصور الكندري المتوفى سنة 456 هـ ("أ)، لكن أبا حيان
التوحيدي أنشد بيتين من قصيدة ابن زريق لم ينسبهما، وهما قوله:
أستودع اللّه في بغداد لي قمرا بالكرخ من فلدط الأزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة وإتص لا اودعه (ْ)
(1) الظرف، بفتج الظاء: هو البراعة وذكاء القلب، وقيل: الظرف في الاسان: البلاغة، وفي
الوجه: الحسن، وفي القلب: الذكاء.
(2) تاريخ الأدب العربي، الملحق 1/ 133، الطبعة الاوربية، ومعجم الهؤلفين، للأستاذ عمر
كحالة 7/ 95.
(3) الوافي بالوفيات، مصؤَرة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، درؤم 1 86 تاريخ.
(4) وفيات الأعيان لابن خلكان 223/ 4، تحقيق الثيخ محمد محبئي الدين عبد الحميد،
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 26.
(5) الامتاع والمؤانسة 2/ 166، تحقيق الأستاذين احمد امين وأحمد الزين.
119

الصفحة 119