كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

خدمة التراث:
وكل حديثه عن شيوخه والعلماء الذين عاصرهم كان يجري على هذا النمط،
كالشيخ السيد صقر والشيخ محمد عبد الخالق عضيمة وغيرهما، وهو في معرض
حديثه عن اساتذته كان يذكر فضل بعض العلماء الذين اجتمع معهم على مائدة
التراث، كالأستاذ محمد رشاد عبد المطلب فيقول عنه (المدخل ص 52 هـ1):
"كان يرحمه اللّه من العلماء بالمخطوطات واماكن وجودها، وكان لا يجارى في
معرفة المطبوعات واماكن طبعها شرقاَ وغرباَ، والفرق بين الطبعات وعدد طبعات
الكتاب المختلفة، ومن وراء ذلك كانت له صلات وثيقة بعلماء الدنيا، من ممرب
وعجم، كنت لصيقاَ به ملازماَ له عشر سنوات في معهد المخطوطات، وسافرت معه
في بعثة المعهد إلى تركيا والمغرب وتعلمت منه الكثير، توفي إلى رحمة الله في غرة
المحرم 1395 هالموافق 1975 م، وقد كتبت عنه كلمة غداة وفاته بمجلة الثقافة
المصرية ".
وهو لا ينسى كل من يسدي خدمة إلى تراث أمته فيقول عن "حسن عباس
زكي": "وقد سقت هذه الحكاية لأدل على فضل هذا الرجل (حسن عباس زكي)،
ذلك الوزير الصالج، الذي أحب التراث العربي الِإسلامي، حباً ملك عليه نفسه،
وكان هو على رأس وزارة خطيرة -وزارة الاقتصاد المصري - معنثا كل العناية
بشؤون التراث، والمشتغلين به، من علماء وناشرين، يفسج لهم في مجلسه، ويذلل
لهم العقبات، ومن اياديه البيضاء نشر كتاب "الجامع الكبير" للحافظ السيوطي،
الذي صدر مصوراً عن مخطوطته، وإعادة نشر كتاب "الأم " للِإمام محمد بن إدريس
الشافعي، إلى كتب أخرى ساهم في طبعها، أو أغرى الناشرين بطبعها، ومكتبته
الخاصة تضم قدراً عظيماَ من نوادر المصحف الشريف، والمخطوطات والمصورات
والمطبوعات القديمة. تقبَّل اللّه منه صالج عمله، وجعله في موازينه يوم يقوم الناس
لرب العالمين " (المدخل ص 03 1).
ومن الملتقطات التي تتلألأ في نظرته إلى الأوائل -رحمه اللّه تعالى وبزد
12

الصفحة 12