كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
وابو حيان توفي نحو سنة 0 0 4 هـ، فيتطرق الشك إذن إلى أمرين: الأول كون
القصيدة قيلت في مدح عميد الملك الذي تأخرت وفا ته كثيراً عن وفاة أبي حيان. الثاني:
نسبة البيتين لابن زريق. ولما كنا لا نملك ما ندفع به الأمر الأول، برغم أن القصيدة ليس
فيها ذكر لعميد الملك، لا من قريب ولا من بعيد، فإن الشك ينحصر في الأمر الثاني،
وهو أن البيتين ليسا لابن زريق، ويقوي هذا دليلان: ا لأول: أن أبا حيان لم ينسب البيتين
لقائل، لا لابن زريق ولا لغير 05 الثاني: ان أبا منصور الثعالبي (1)، نسبهما مع بيتين
يأتيان بعدهما في ترتيب القصيدة إلى الوأواء الدمشقي المتوفى نحو سنة 385 هـ،
والثعالبي حجة فيما يورده، لانه يسجل أدب عصر 5، وقد أورد محقق ديوان الواواء (2)
هذ 5 الأبيات الأربعة عن الثعالبي، ووضعها في الزيادات التي ليست باًصل الديوان،
ثم ذكر أن الأبيات من قصيدة ابن زريق، وأحال على كتاب "الكشكول " للعاملي.
وإذا صح كلام الثعالبي فيكون ابن زريق قد ضمَّن هذه الأبيات الأربعة قصيدته
التي لا شك في نسبتها إليه، أو أن بعض الرواة أقحم الأبيات على القصيدة، لاتفاق
القافية والوزن والنفس الشعري.
ولعل مما يتصل بهذه القضية اني وجدت أبياتاً للتهامي المتوفى سنة 416 هـ،
شديدة الشبه بأبيات ابن زريق، أوردها أسامة بن منقذ (3)، اولها:
أستودع الله في ارض الحجاز رشا في روضة القلب مأواه ومرتعه
ونأتي إلى من اثبت قصيدة ابن زريق، فأول من عرفت: ابو سعد السمعاني
المتوفى سنة 563 هـ، وذكر أبياتاً من القصيدة غير تامة، وبعده: أسامة بن منقذ
المتوفى سنة 584 هـ، وذكر من القصيدة عشرة أبيات، وصلاح الدين الصفدي
المتوفى سنة 764 هـ، وتاج الدين السبكي المتوفى سنة 771 هـ، وأبو بكر بن حجة
(1) يتيمة الدهر 293/ 1، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الثانية.
(2) ديوان الواواء الدمشقي، ص 273، تحقيق الدكتور سامي الدهان، طبعة دمسْق.
(3) المنازل والديار، ص 0 22، تحقيق أخي الأشاذ مصطفى حجازي، ولم ترد هذه الأبيات في
ديوان التهامي المطبوع في دمثق.
120