كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

محمد مرسي الخولي .. والبنيان الذي تهدَّم (1)
جاء نعيه من القاهرة، فلفَّني حزن أسود كئيب، وغشي نفسي ما غشاها، ثم
استرجعت وسألت ربي أن يُذهب عني ما أجد، من الجزع المردي، والأسى الماحق؟
فإن فقد الأحباب مما يكوي الفؤاد، ويهد النفس هدّأ! وسبحان من تفرد بالبقاء.
لفد كان محمد مرسي الخولي آخر حارس من حراس معهد المخطوطات، هذا
الصرح الشامخ الباذخ، الذي قدم للتراث الِإسلامي والعربي الكثير.
إن من أوجب الواجبات ان يكتب تاريخ هذا المعهد، الذي صان التراث
وجمعه وحفظه، وإنه من حق الأجيال ان تعرف تاريخ أبنائها الأبرار، الذين عرفوا
لتراثهم حقه من الِإجلال والتكرمة.
نعم من حق الأجيال ان تعرف ماذا صنع: أحمد أمين، ويوسف العش،
ومحمد بن تاويت الطنجي، وصلاح الدين المنجد، وعبد الحليم النجار، وخليل
عساكر، وعبد العزيز الأهواني، وفؤاد سيد، ورشاد عبد المطلب، وحمد الجاسر،
وخير الدين الزركلي، ثم عبد الفتاح الحلو، ومحمد مرسي الخولي. رحم اللّه من
مضى، واطال عمر من بقي، وعسى الا يكون سقط علي من أسماء هؤلاء الرواد
أحد؟ فإني أتكلم عن هؤلاء الذين عملوا في دائرة معهد المخطوطات، وظيفة فيه،
أو قرباَ منه، أو دعماً له.
لقد أنشىء معهد المخطوطات، منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، تابعاَ للِإدارة
__________
(1) صحيفة " المدينة المنورة " بالمملكة العربية السعودية، العدد 5505، بتاريخ 0 2 من
جمادى الَاخرة 2 0 4 1 هـ.
131

الصفحة 131