كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

وفي دار المعارف، حيث عمل الفقيد العزيز، وقعت عليه عين فاحصة، هي
عين الدكتور صلاح الدين المنجد، مدير معهد المخطوطات اَنذاك - ولهذا الرجل
أثر بارز في تاريخ المعهد - وقد التقطه الدكتور المنجد ليكون له عوناَ وسنداً، فيما
كان يرومه وينشده من أعمال المعهد.
وصار محمد مرسي الخولي عضواً نشطاَ في معهد المخطوطات، وشارك في
مختلف أعماله: مفهرساً لمصوراته، ودليلاً لزائريه، ومصححاَ لمطبوعاته، ومحرراً
لمجلته، ومسؤولاً عن نشرته، وموفداً في بعثاته.
وكان، رحمه اللّه، حلو الشمائل، رقيق الطبع، مرهف الحس، ولم يكن
يضيق بالزائرين، على كثرتهم وإزعاج بعضهم، ولقد كان من قضاء الله عليه ان
داهمته علتان منهكتان، واستبد به داءان عُضالان: القلب والربو، ولقد قاسى منهما
كثيراَ، وفي سنواته الأخيرة عرض عليه رؤساؤه أن يخلد إلى الراحة غير مفطوع عنه
رزقه، ولا مسلوب منه حقه، ولكنه رفض، وظل متشبثاً بموقعه في معهد
المخطوطات يفيد ويدل، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
ومن عجيب أمره - رحمه اللّه - انه كان مع اشتداد العلة، وتفاقم الداء، متيقط
الحس، مشبوب الذاكرة، لم يسقط عليه شيء من كنوز المعهد، ما فهرس من هذه
الكنوز، وما لم يفهرس، ولقد اخبرني من نعاه إلى أنه رآ 5 في المعهد قبل موته بيوم
واحد.
وقد حصل الفقيد، رحمه اللّه، على درجتي "الماجستير" و"الدكتوراه" من
كلية اللغة العربية، وكانت أطروحته الأولى: تحقيق ديوان أبي الفتج البستي،
وكانت الثانية: تحقيق الجزء الأول من كتاب "الجليس والأنيس " للمعافى بن زكريا
الحريري، وقد اشار إليه العلامة الزِّرِكلي في الأعلام 7/ 0 26 " الطبعة الرابعة ".
ثم كان له نشاط في تحقيق الكتب ونشرها، فمن ذلك:
1 - بهجة المُجالس وانس المجالس - للحافظ ابن عبد البر، صاحب
الاستيعاب، طبع في جزئين، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب.
134

الصفحة 134